أصبح الواقع الإسلامي في زمن يزيد سقيماً من عدة أمراض، فكان يشكو من علة ( (الطبقية))، والاستئثار والاستهتار، حتى قال معاوية: ( (نحن الزمان من رفعناه ارتفع ومن وضعناه اتضع))[1].
وقد مارس معاوية سياسة التفريق والتمييز، وأصبح المجتمع الإسلامي يئنّ من هذه السياسة الجاهلية لفترة طويلة، وقد استنسخ خطة فرعون ( (فرّق تسد)).
قال تعالى: ( (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ))[2].
وسياسات معاوية كانت قائمة على خطط جهنمية جعلت المجتمع الإسلامي يستجيب للأمراض كافة، ومنها مرض الخلفاء المتهتكين. أنشد الوليد بن يزيد الخليفة الأموي قائلاً:
فدع عنك أدكارك آل سعدي *** فنحن الأكثرون حُصى ومالا
ونحن المالكون الناس قسراً *** نسومهم المذلّة والنّكالا
ونوردهم حياض الخسف ذلاً *** وما نألوهم إلا خبالا[3]
إنّ النفس الجاهلي واضح في هذه الأبيات، فهي تعبّر بوضوح عن العقلية الجاهلية المشبّعة بالروح العنصرية البغيضة التي جعلت المجتمع الإسلامي شيعاً، فأخذت الشحناء تتأصّل في النفوس، وتأخذ صوراً مقزّزة عبّرت عن نفسها في امتهان الطبقات الأقل دخلاً[4].
جاء في كتاب (معركة المصحف): ( (ونحن نلحظ دون كد جرثومة خبيثة تفتك بالسياسة الإسلامية، وتدع فراغاً سيئاً بين الأمة والدولة، تلك هي طريقة اختيار الحاكم الذي يلي الأمور ويقود الأمة إلى ما لا يعرف وتقرّ من أهداف، ونحن نريد استئصال هذه الجرثومة لا تركها، والتغلّب على ما تنشئ من علل وأوجاع))[5].
إنّ الواقع المزري الذي افترش المجتمع الإسلامي ضيّق الأفق أمامه، وجعله يتقوقع في دائرة ضيّقة الأمر الذي جرّده من وسائل التعبير الحقيقي عن ما يعانيه، وهكذا استسلم للواقع السفياني الذي جعل الإنسان صغيراً، وتشكل هذه الحالة نقطة ضعف كبيرة، فالإنسان عندما يشعر بضآلته يميل إلى الإجرام أو إلى الاستسلام، كما يثبته علماء النفس الاجتماعي، لذلك فإنّ الوصايا الإلهية تؤكد على تقوية شخصية الإنسان بالذات في السنوات الأولى.
جاء في الحديث النبوي: ( (بروا أولادكم صغاراً يبروكم كباراً))[6].
والبر يشمل كل صور الاحترام، والطفل إذا تلقّى الاحترام والاهتمام فإنّ شخصيته تتكامل وتقوى ثم تبرز ملامحها كلما تقدم به العمر، وتبرز بشكلها النهائي عند المراهقة، وهذه المرحلة تشكل نقطة عطف مهمة في حياة الإنسان، فإذا كان الإنسان قد تلقّى الاهتمام والاحترام في سنيه الأولى فإنّه يمر بسلام، ثم يمتلك شخصية قوية لا تهتز في مواقف الحرج.
يقول علماء التربية: ( (كلّما تلقى الإنسان تربية صحيحة استقامت شخصيته ونمت فيه معاني الرجولة، وهذه المعاني مطلوبة لأنّ الأجواء المطلة على بيوتنا أضحت فاسدة، فهي في كل يوم تنثر بذور الجبن والخوف والخور، فقد شاهدت بنفسي شباباً لا يملكون الشجاعة والجرأة في مواقف تستدعي أدنى درجات الشجاعة، وهذه أخطر حالة يتعرض لها شبابنا.
ثم إنّ المجتمع يساهم كثيراً في صياغة الإنسان، ويعدّ العامل الثاني بعد البيت، وقد أثبت علم النفس الاجتماعي أن الجو العام يؤثر في صياغة الإنسان وبالذات إذا تراجع دور البيت))[7].
فعليه فإنّ الواقع الإسلامي إبان معاوية تغيّر كثيراً حتى غدى غريباً عن مثل الإسلام، بدليل استسلامه ليزيد بن معاوية، وقد سعى معاوية إلى تهميش القيم الإسلامية وضرب المدن التي تشعّ ثقافة وعلماً، ومنها الكوفة، فقد أفرغها من الكوادر إمّا اغتيالاً أو تسفيراً وقضى على كل شكل من أشكال الثقافة الإسلامية.
يقول فلهاوزن: ( (إنّ عبيد الله بن زياد سفّر (50 ألف) عائلة شيعية من الكوفة إلى إيران، فسكن الكثير منها في قم، والقسم الآخر في خراسان)) [8].
فعاش الواقع الإسلامي فراغاً لا مثيل له، وأجواء جاهلية بمعنى الكلمة.
وقد عالج الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام هذه الظاهرة الخطيرة بعدة أساليب:
أولاً ــ التعبير العملي
وقد أجمع النقّاد على أن ثورة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام كانت تعبيراً واقعياً جسّد كل معاني الإسلام، فكربلاء استطاعت أن تجمع كلّ المثل العليا، وتكسوها طابعاً عملياً جمع كل معاني التعبير، فالاستقامة برزت بشكلها النهائي وذلك عندما وقف الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام يصلّي وسط الأمواج العاتية التي أحاطت به، ثم الإيثار حين وقف أبو ثمامة الصائدي يصد السهام عن سيد الشهداء عليه السلام.
وكذلك عندما رفض أبو الفضل العباس أمان عبيد الله، قائلاً لشمر بن ذي الجوشن:
( (لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا، وابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا أمان له))[9].
إنها مواقف سامية لو وضعت في كفّة، ووضعت جميع مواقف الصحابة في كفة أخرى لرجحت الأولى.
من هنا فإنّ الإمام الصادق عليه السلام يقول في زيارته للشهداء: ( (السلام عليكم يا أولياء الله وأحباءه، السلام عليكم يا أنصار دين الله، السلام عليكم يا أنصار رسول الله، السلام عليكم يا أنصار أمير المؤمنين، السلام عليكم يا أنصار فاطمة الزهراء، السلام عليكم يا أنصار الحسن والحسين، بأبي أنتم وأمي طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم وفزتم فوزاً عظيماً، فيا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً)).
ثانياً ــ الجمع
أمّا الأسلوب الآخر فيكمن في الجمع، فقد جمع الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام في ثورته المباركة معظم الشرائح والملل، فكان في الركب الخالد واضح التركي، ووهب المسيحي، وجون الحبشي، ومولى أبي ذر.
وكان هذا الجمع المبارك رد عملي على تصرفات بني أمية الشوفينية، وتعبير صادق عن الواقع الإسلامي الذي جسّد كل معاني الأخوة السامية. وبحق فإنّ النهضة الحسينية بمعانيها الاجتماعية والأخلاقية كانت نصراً بحد ذاته لأنّ المثل الأخلاقية التي اتسمت بها نهضة الإمام الحسين عليه السلام جعلتها ( (أنموذجاً حياً)) يغوص في عمق الواقع.
ومن جانب فإنّ كربلاء أضحت عالماً بحد ذاته ترجم كلَّ معاني الإسلام، فلابدّ أن تبقى كربلاء حية في ضمير التاريخ، وفي قلب الإنسانية، حتى يمكن للأمم التي تستهدف السيادة والكرامة أن تستنسخ هذه المثـل الحية من واقع كربلاء الحي.
وكما هو ثابت في علم النفس: ( (فإنّ الواقع الحيّ يؤثّر كثيراً في السلوك، وكلما تألق سمت معانيه بحيث تجعل المجتمع ينجذب إليه ويتأثر به، ثم تعصم المجتمع وتكسبه قوة في امتثال الأوامر الإلهية، وهذه القوة مطلوبة باعتبار ثقل الرسالة.
قال تعالى: ( (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا))[10].
وأما في كربلاء الحسين عليه السلام فإن الإمام أبا عبد الله الحسين عليه السلام استطاع من خلال الجمع المبارك أن يقف بقوة أمام الأعداء، وهذا هو أحد القوانين الاجتماعية الثابتة ( (فإن الجماعة المتماسكة تنتصر حتى لو كانت قليلة وباستطاعتها أن تهزم جيشاً جراراً)) مهما بلغت قوته. قال تعالى: ( (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ))[11].
ثالثاً ــ الأخلاق والرحمة
هناك محطّات مهمة جعلت الواقع الحسيني إن صحّ التعبير يسمو بكلّ تجلّياته، ويجعل من كربلاء واحة تتسع لتغطي مساحات واسعة، ثم تعلو على الزمان فتعيش في كل حين.
لقد ترجم الإمام الحسين عليه السلام أخلاق جده بكل قوة حتى غدا رسول الله محمدصلى الله عليه وآله وسلم حاضراً في كل تفاصيل المعركة.
لقد ترجم الإمام الحسين عليه السلام ( (الرحمة)) بكل معانيها، وهي خصلة مهمة في أيّ تحوّل استراتيجي، لذلك كانت السمة الغالبة على أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كلّ تحركاته.
قال تعالى: ( (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))[12].
وقال تعالى: ( (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ))[13].
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند فتح مكة ( (اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرمة))[14].
يقول النقاد: إنّ أيّ قائد عندما يدخل مدينة لابدّ أن يقتصّ أو يثأر، إلا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم فعندما دخل مكة رفع شعاراً جمع كل معاني الرحمة، وآية من آيات العفو والصفح، قال: ( (من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سيفه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن))[15]، هذا الواقع الإسلامي ترجم بحق خلق الرحمة والعفو، فخلق جواً آمناً جعل الكثير ممن يكنّ العداء للإسلام يقلعه من نفسه ثم ينضم إلى قافلة الإسلام.
إنّ هذه الصورة الرائعة في الرحمة جعلت الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ينتصر على الواقع الجاهلي، ويهزمه بشكل نهائي.
وقد ترجم الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام هذا الواقع المحمدي بحذافيره في كربلاء، وذلك عندما اجتمع مع الحر بن يزيد الرياحي، وكان يقود جيشاً تعداده ألف فارس وبما أنه قطع مسافة فإنّ العطش أخذ منه مأخذاً، وظلّ يطلب الماء بإلحاح فما كان من الإمام الحسين عليه السلام إلا أن يهبّ ويأمر بسقيهم، وقد سقى (بيده المباركة) أبا طعان المحاربي عندما أسرف في الماء. فقال الإمام عليه السلام: اخنث السقاء.
فلم يفهم كلام الإمام عليه السلام، بعدها قال: أنخ الراوية.
فقام الإمام وسقاه بيده الكريمة (صلوات الله عليه).
إن هذا الموقف يعكس بوضوح الرحمة والرأفة بأعلى صورها، وهذه سجية طبع عليها أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين)، وأهل بيت النبوة عليهم السلام طبعوا على سجايا طيّبة لا تسمو إلا بهم.
إنّ الموقف السامي للإمام عليه السلام ترك انطباعاً طيباً في قلب الحر بن يزيد، فظلّ يتفاعل في كيانه فأوصله إلى ساحل الأمان، وهذا يدل على أهمية العمل الطيب وأثره البالغ في النفوس، فالإنسان مهما كانت طبيعته فإنه يستقبل بارتياح العمل الصالح، وقد لا يفصح عمّا يجيش في داخله، ولكن يظل يتفاعل في كيانه.
وفي إطار واقعية الثورة الحسينية المباركة فإنّ الإمام الحسين عليه السلام حافظ على حقوق الإنسان، وهذه الميّزة قلّما تتوفّر في الثّورات.
جاء في كتاب (ثورة الإمام الحسين عليه السلام دراسة في الجذور والتكوين) تحت عنوان ( (الحفاظ على حقوق الناس)): ( (الثورة لا تعني الفوضى، وقد شاهدنا الكثير من الثورات التي تحوّلت إلى عمليات للسلب، وسحق الكرامات، وانتهاك للقوانين والأعراف، وهذه ليست بثورة، فالثورة التغييرية هي التي تصبو إلى تنظيم المجتمع على أسس صالحة، فليس بالنهب وسلب الحقوق، والتجاوز على الآخرين يتحقق هذا الهدف، وضمن هذا الإطار جاءت ثورة الإمام الحسين عليه السلام وهي أشد حرصاً على حقوق الآخرين، ومنها حق الناس في أموالهم وممتلكاتهم.
فقد روى الطبراني: أنّ الإمام أمر منادياً ينادي في أصحابه: ( (لا يقتل معنا رجل عليه دين)).
فقام إليه رجل من أصحابه، فقال له: إنّ عليّ ديناً وقد ضمنته زوجتي.
فقال عليه السلام: وما ضمان امرأة[16].
وإذا تسأل عن الواقع الحسيني في كربلاء فإنه يعطيك صورة واضحة عن المثل العليا التي أصبحت على المحك في ذلك اليوم، وهو يوم من أيام الله، وهو المعنى الذي أشار إليه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام: ( (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله)).
ثم إنّ القيم التي زرعها الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام في كربلاء أعطت أكلها فأصبحت تلهم وتغيّر الواقع الذي لفّ المسلمين تباعاً.
وهكذا ألهمت الكثير وغيّرت العديد، ومنهم معاوية بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان، ويحيى بن الحكم أخو مروان.
إنّ معاوية بن يزيد يعدّ دليلاً واضحاً، صحيح أنّ أستاذه عمر المقصوص زرع في قلبه ( (حبّ علي بن أبي طالب عليه السلام)) كما تذهب الروايات، ولكن الواقع الحسيني هيأ في كيانه الأرضية التي ساهمت في احتضان حبّ الإمام علي عليه السلام وآل البيت والقيم الحسينية التي افترشت أرض كربلاء.
جاء في (الروايات): أن معاوية بن يزيد خطب في أهل الشام قائلاً:
( (ألا إنّ جدي معاوية نازع الأمر من كان أولى به منه لقرابته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقدمه وسابقته أعظم المهاجرين قدراً، وأولهم إيماناً ابن عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وزوج ابنته جعله لها بعلاً باختياره لها، وجعلها له زوجة باختيارها له، فهما بقية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاتم النبيين، فركب جدي منه ما تعلمون، وركبتم معه ما لا تجهلون حتى أتته منيته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، وأسيراً بجرمه، ثمّ قلّد أبي الأمر فكان غير أهل لذلك، وركب هواه، وأخلفه الأمل، وقصر عنه الأجل، وصار قبره رهيناً بذنوبه، وأسيراً بجرمه، ثم بكى وقال: إنّ معظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه، وبئس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأباح الحرم، وخرّب الكعبة))[17].
تقول الروايات بعد انتهائه من الخطبة دخل على أمه، فقالت له: ليتك حيضة.
قال: نعم ليتني حيضة ولم أر هذا اليوم الأسود[18].
ثم إنّ بني أمية جاؤوا إلى معلمه ( (عمر المقصوص))، فقالوا له: أنت علّمته التشيع وحبّ أبي تراب؟!. فأقسم أنّ معاوية جبل على حبّ ( (علي بن أبي طالب)).
فلم يقتنعوا بذلك، فدفنوه حياً (رضوان الله عليه)، ثم عزلوا معاوية، وبعد أيام دسّوا إليه السم فمات.
رابعاً ــ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ويعدّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأسباب الرئيسة لنهضة الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام، والإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام هو المسؤول الأول إزاء هذا الواجب بنصّ القرآن الكريم والسنة النبوية، فهو الإمام وولي الأمر.
قال تعالى: ( (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ))[19].
وأولوا الأمر: هم الأئمة الاثنا عشر (صلوات الله عليهم أجمعين) بإجماع المسلمين، إلا أن بعض المفسرين، ومنهم الرّازي حرّف معنى ( (أولي الأمر)) فصرفه إلى أهل الحل والعقد من المسلمين، وقد ناقض القرآن الكريم في ذلك بإيراد بعض الإشكالات التي لا تصمد أمام الواقع.
فهو يقول: ( (إنه لا يمكن إرادة الإمام المعصوم من أولي الأمر كما تدعيه الروافض (الشيعة) لأنّ إطاعته والرجوع إليه في مشاكل الحياة مشروطة بمعرفته، والتمكّن من الوصول إليه وهم يعترفون بغيبته، وعدم التمكن من الوصول إليه)).
ومضى يقول: ( (إن في الآية ما يدفع دعوى الشيعة، ذلك لأن الله تعالى أمر بطاعة الله والرسول وأولي الأمر بأسلوب واحد ولفظ واحد، واللفظ الواحد لا يجوز أن يكون مطلقاً ومشروطاً، لأنه بالنسبة إلى الله والرسول مطلق، وبالنسبة إلى أولي الأمر لابدّ وأن يكون مشروطاً لمعرفتهم، والتمكن من الوصول إليهم)).
ثم إن الرازي يدّعي أنّ المراد من أولي الأمر المعصومون من الخطأ هم أهل الحل والعقد من المسلمين. وهو يؤكد أنّ أهل الحل والعقد هم المعنيون في هذه الآية فهم معصومون.
والرد عليه:
(أ) ــ أنّ الرازي يذهب إلى عصمة أهل الحل والعقد، ولكن أين هم؟.
يقول الشيخ الغزالي: والواقع أن أهل الحل والعقد يمكن أن ينتظموا في ملك الأمور الثلاثة المشهورة، القول، والعنقاء، والخل الوفي، إنهم في واقعنا المديد أمنية حالمين[20].
إننا نسمع ونقرأ عن أهل الحل والعقد، ولكن لا نجد لهم أثراً لا في زمن الصحابة، ولا زمن الخلفاء العباسيين والأمويين، وإنما هي فكرة موهومة اصطلح عليها بعض علماء السنة.
وكنت أتمنى من الرازي أن يثبت حادثة واحدة اجمع عليها أهل الحل والعقد، وإذا كان يحتج بالشورى التي عيّنها عمر بن الخطاب فإنّ ( (عبد الرحمن بن عوف)) الذي كان من ضمنهم خرق الشورى عندما بايع عثمان بن عفان، الذي أبلى سنة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم على حد تعبير السيدة عائشة وقد خطأه الكثير، وفي مقدمتهم عائشة عندمـا قالت: ( (اقتلوا نعثـلاً فقـد كفـر))[21].
ثم إن الشورى انتهت بعد تولي عثمان بن عفان، وعفى عليها الزمن فعادت الأمة إلى رشدها بعد أن رجعت إلى النص النبوي.
(ب) ــ ثم كيف يذهب الرازي إلى أهل الحل والعقد في تفسير ( (أولي الأمر))، وقد قرن الله طاعة ( (أولي الأمر بطاعة الله عز وجل))، ومعنى هذا أنهم بمستوى الأنبياء، وقد عرفت سلوك عبد الرحمن في اختياره عثمان بن عفان.
(ج) ــ وإذا كان قد احتجّ الرازي بصعوبة معرفة ( (أولي الأمر)) فإنّ معرفة أهل الحل والعقد أصعب وأشق من معرفة فرد أو أفراد في أزمنة متفرقة.
فليس من السهل معرفة أهل الحل والعقد، واستقصاء آرائهم، والإطلاع على اجتهاداتهم.
(د) ــ ثم إنّ أهل الحل والعقد يناقض النص النبوي الشريف في ولاية أولي الأمر وهم الأئمة الاثنا عشر (صلوات الله عليهم أجمعين)[22].
(هـ) ــ وقد أشكل الرازي أنّ ( (أولي الأمر)) من صيغ الجمع، وعند الشيعة لا يكون في الزمان الواحد إلا إمام واحد، وحمل الجمع على الفرد خلاف الظاهر.
والجواب إنّ هذا الجمع هو نوع من العموم الاستغراقي الذي لا يشترط فيه اجتماع أفراده كلهم في وقت واحد، فإذا قال قائل: أكرم العلماء فيصبح هذا الحكم منه ولو كان وجود العلماء مترتباً بحسب الزمان، فالعموم الاستغراقي يتجه إلى الأفراد ما وجد منهم وما سيوجد، كما هو الشأن في أكثر العمومات القرآنية.
(و) ــ ويورد الرازي إشكالاً آخر أنّ الآية لو كانت تعني أئمة الشيعة لوجب أن يقول: فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الإمام، لأنه يعبّر عندهم عن الله والرسول، مع أن الفقرة الثانية من الآية نصّت على وجوب ردّه إلى الله والرسول لا غير، ومحصل الجواب أن عدم اشتمال الفقرة الثانية من الآية على ذكر ( (أولي الأمر)) لا يخلّ بالمراد لجواز الحذف في الكلام اعتماداً على ذكر المحذوف في الفقرة الأولى الذي يغني عن إعادة ذكره، بل يكون الحذف في بعض الأحيان من ( (محسنات الكلام))، وبعد أن فرضت الآية إطاعة الله والرسول وأولي الأمر لم يعد من موجب لذكر أولي الأمر.
علماً أن الله عز وجل ذكر أولي الأمر والرجوع إليهم.
قال تعالى: ( (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)) [23].
ثم إنّ أولي الأمر هم الأئمة الاثنا عشر بحق (صلوات الله عليهم أجمعين)، وقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من موطن، وقد قرنهم بكتاب الله عز وجل.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( (إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا أبداً حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما))[24].
ولا يمكن أن يقرن بكتاب الله عز وجل إلا من عصمه الله عز وجل، والعصمة ثابتة للأئمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم أجمعين) بنص الكتاب.
قال تعالى: ( (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا))[25].
وقال تعالى: ( (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى))[26].
فالخالق عز وجل لا يأمر بمودة أحد إلا إذا كان سديداً لا يعصي الله طرفة عين وهم قربى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكما هو ثابت في كتب التفسير (الزمخشري، والقرطبي، والدر المنثور) فإنّ القربى هم: الحسن، والحسين، وعلي، وفاطمة عليهم السلام.
وبعد هذه الملاحظات لم يعد هناك إشكال أنّ الإمام الحسين عليه السلام هو وليّ الأمر في زمانه، فهو المسؤول الأول عن الأمة وعن قضاياه المصيرية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إحدى أهم القضايا التي تهم الأمة بالذات إذا كان الأمر يرتبط بسلطان جائر مثل يزيد.
وكان الشعار الأمثل للإمام الحسين عليه السلام: ( (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين))[27].
فهذه الرسالة تعبر عن مشروعه الإسلامي الذي يدخل في صميم العملية التغييرية، فهو يستهدف إرجاع معالم الدين التي أخذت تتهاوى بفعل الممارسات الجاهلية من قبل حكام بني سفيان، وهذه المهمة كانت تتطلب شخصية عظيمة كالحسينعليه السلام، فقد ثبت في علم النفس التربوي: ( (إنّ الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي لا ينهض به إلا من توفرت فيه صفات عالية))، فقضية الإصلاح لها علاقة جدلية بـ ( (بشخصية المصلح))، وكلما سما ( (المصلح)) تصبح قابلية الإصلاح عنده أقوى.
ولا يشكّ اثنان أنّ الإمام أبا عبد الله الحسين عليه السلام هو الأجدر في تحمل المسؤولية والأوفق في أداء مهامها.
وقد أثبتت الوقائع وكربلاء بوضوح جدارة الإمام الحسين عليه السلام، في أدائها فقد تجلّت عوامل السمو في شخص الإمام عليه السلام حتى أضحت عنواناً بارزاً.
وهذه العوامل مهمّة في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهما يتطلبان نكراناً للذات وشهامة وشجاعة، وتجلت هذه الصفات في مواطن عدة منها عندما ترك الماء بعدما سمع الإمام عليه السلام هاتفاً يقول: ( (أتشرب الماء وقد هتكت حريمك)). فتوجه إلى الخيام[28].
وكذلك عندما سقط (روحي له الفداء) على الأرض فقام متوجهاً إلى الخيام، ثم كبا على وجهه كلّ ذلك حفاظاً على حريمه.
و ( (صفة الإيثار)) عندما قدّم ولده علياً الأكبر شبيه جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصفة الشجاعة حتى قال أحد الأعداء: ( (والله ما رأيت مكسوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته أربط جأشاً ولا أقوى جناناً منه)).
إنّ العملية الإصلاحية تتطلب عدّة عوامل تأتي في مقدمتها صدق المصلح، وهذه باتت من البديهيات، من هنا فإنّ الإمام الحسين عليه السلام استطاع أن يصلح المفسد من الأخلاق بكل قوة، لأنه كان صادقاً مع أهدافه وأصحابه ومجتمعه.
فقد حدّد الهدف من ثورته المباركة، الذي يكمن في استئصال رأس الفساد ( (يزيد بن معاوية))، فظلّ هذا الهدف المحور الأساسي في نهضة الإمام الحسين عليه السلام، ولم يتغير في مراحل ثورته كافة، فهو لم يعلن هدفاً موهوماً كي يجلب عواطف الناس كما فعل عبد الله بن الزبير، ثم إذا تحقق الغرض ظهر الهدف الحقيقي ( (الإمارة والسلطة))، ولكن الإمام أبا عبد الله عليه السلام حدّد الهدف هو إسقاط يزيد بن معاوية، ومنذ إعلانه رفض البيعة، ثم إنه ثبت على هذا الهدف الذي أصبح واضحاً للجميع، الأمر الذي جعل الكثير ينفضّ من حوله لأنه كان يتوقع أن يستولي الإمام على السلطة، ثم تتحول إلى بقرة حلوب يستدرّ منها أصحاب المصالح.
لكن الذي حصل أنّ الإمام (صلوات الله عليه) أعلن هدفه الحقيقي القائم على الحق والعدالة، وهذا واضح من خلال عبارة ( (في أمة جدي، وأسير بسيرة جدي وأبي))، فالإمام عليه السلام ربط تحرّكه بسيرة جده وأبيه (صلوات الله عليهم).
فليس هدف الإمام (صلوات الله عليه) السلطة وإحكام السيطرة، وإن كان من حقه ذلك حسب النص النبوي، والاتفاق المبرم بين معاوية والإمام الحسن عليه السلام [29]، فالإمام (صلوات الله عليه) تحرك على وفق آلية تكمن في استنهاض الحسّ الديني الذي كاد أن يموت.
وهذا الأمر يتطلّب تحركاً واقعياً، وهكذا خرج الإمام (صلوات الله عليه) بأهل بيته وعشيرته ليدلّل بشكل عملي تحمل المسؤولية إزاء ما يحدث في المجتمع الإسلامي، ويشكل الخروج بأهل بيته وعشيرته أهمية استثنائية في نطاق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقد وضح للجميع أنّ الإمام (صلوات الله عليه) مستعد أن يبلغ أعلى درجات التضحية في سبيل دين جده رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهو لا يظن بأحد فضلاً عن نفسه المباركة، وهكذا يجسّد مفردات الأمر المعروف والنهي عن المنكر، فعندما ترى الإنسان يُخرج أعزَّ ما لديه، ثم يقدمهم قرباناً لمبادئه فلا مجال للتشكيك أو للظنون، فأصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقعاً عملياً في نهضة الإمام، وأحدث نقلة نوعية في تحركه، ومن جانب لو كان الإمامُ باقياً في المدينة ويصدّر الأوامر ما كانت لتجد الصدى المطلوب، وتأخذ مداها الحقيقي، فالمصلح الحقيقي الذي يروم التغيير الواقعي بالذات وتغيير السلطة لابدّ أن يقوم بهذا التغيير بنفسه وبخطوات عملية فاعلة.
ثم إنّ الإمام (صلوات الله عليه) قام بخطوات مهمة على صعيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال التعامل الفذ مع أعدائه ومناوئيه، والكل يعلم تعامل الإمام مع أهل المدينة ومكة وباقي المدن.
وما خروج الإمام من المدينة إلا ليحقّق مفردة مهمة من مفردات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تكمن في حفاظه على قدسية المدينة الذي لم يستعملها درعاً وأهلها أمام أي تحرك مضاد قد يتخذ طابعاً إجرامياً كما حدث إبان ثورة المدينة ( (واقعة الحرة)) حيث استباح يزيد بقيادة ( (مسرف بن عتبة)) المدينة ثلاثة أيام فهتك ألف حرة وقتل آلاف من أبناء المهاجرين والأنصار.
وتعد تجنيب المدينة من ساحة المواجهة نقطة مضيئة في سجل ثورة أبي الأحرارعليه السلام لأن معظم الثوار يستعملون المدن والناس دروعاً بشرية وهذا خطأ فاحش لأنّ العُزَّلُ هم أول الضحايا.
ثم إن توجه الإمام إلى مكة واجتماعه بالحجيج، وعرض مشروعه الإصلاحي عزّز آلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فالقائد ما لم ( (يصحر)) بنفسه بالذات إذا كان يحمل مشروعاً مهماً ويلتقي بالناس لا يمكن لمشروعه أن يرى النور فضلاً عن النجاح.
والناس تريد أن تعرف الأمر من الشخص، وهذه قضية نفسية لها علاقة في تحمل المسؤولية، فبقدر وضوح المشروع وإخلاص المصلح تتعمق العلاقة، ويكتسب المصداقية الكافية.
أما إذا كان المصلح في بروج مشيدة ويرسل تعاليمه عبر أناس، ثم يطلب الاستجابة والتفاعل فإنّ هذا يعدّ ضرباً من الخيال، ولا أحد ينكر سلامة التعاليم الإسلامية وسموّها، ومع سموّها فإنّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قام بنفسه في تبليغها، وأعلن عن بدء المشروع الإصلاحي الكبير الذي عمَّ أرجاء المعمورة.
ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتطلّب نكراناً للذات، وهذا ما وجدناه واضحاً في سلوك الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
فقد خرج هو وعائلته وعشيرته وحتى الطفل الرضيع، وهذا يدلل بوضوح على نكران ذاته، فالقادة عادة يضنّون بعائلاتهم، ويضربون حولهم طوقاً أمنياً، وقد لا يفرطون بواحد منهم، ولكن الإمام أبا عبد الله عليه السلام خرج بعائلته وعشيرته، وهذه أرفع صور نكران الذات، ثم في كربلاء قدمهم قرباناً لقيم الإسلام ولدين جده.
ثم إذا عرفنا من قدم الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام لعرفنا تماماً معنى نكران الذات.
لقد قدم الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام ( (قمر بني هاشم)) الذي كان صورة حقيقية للإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
وعليّ الأكبر أشبه الناس خَلْقاً وخُلُقاً برسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والقاسم بن الإمام الحسن عليه السلام، والحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وطفله الرضيع ( (عبد الله))، والصحابي الجليل حبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، والصحابي العظيم أنس الكاهلي[30]، وبرير بن خضير قارئ القرآن، وعابس بن شبيب الشاكري، وغيرهم. يقول الشاعر:
لله أقمار أفلن بكربلا *** ولها بيثرب بالمحصّب مطلعُ
أنست بهم أرض الطفوف وأوحشت *** هضبات يثرب والمقام الأرفعُ
وكما أسلفنا فإنّ القيم في كربلاء تحقّقت بكل معانيها، وتجسّدت بأرفع صورها، فقد بلغت القمة، وهي لم تزل تتربع على عرش الفضائل، فهي لا تأفل أو تميل حتى لو تقادمت عليها السنون أو القرون لأنّ الحق لابدّ أن يعلو حتى يكشف الباطل، ومن القواعد الأساسية كلما يرتفع الحق يتعرى الباطل ويظهر على حقيقته، إنه قانون من قوانين الحياة، فلابدّ للحق أن يعلو حتى يبدد ظلام الباطل.
يقول جورج جرداق في كتابه القيّم (الإمام علي صوت العدالة الإنسانية):
( (إن تاريخنا العربي لم يكن ظلمة وظلماً، ففي بقايا لياليه ومضات وبروق: وفي دياجيره متألقات وأهلة، وفي غياهب جوره غرر حسان وأيام بيض وشموس ضاحكات، ثم أمطار هتنتْ بها السماء على صحاريه رذاذاً تارة وطوراً عباباً.
فإزاء زياد بن أبيه يقتل على الظنة، ويعاقب على الشبهة، يقوم حجر بن عدي يبذل دمه إكراماً لقيمة، ونفوراً من جور، ورغبة في عدل، وتعظيماً لوفاء، أو يقوم كذلك عمرو بن الحمق الذي آثر أن يطوّف برأسه في أنحاء البلاد على أن يخضع لظالم أو يذل لمستبد.
وإزاء عبيد الله بن زياد، يشمخ الحسين بن علي وقصته مشهورة))