في خضم الأحداث التي شهدتها كثيرٌ من الدّول العربيّة والتي سمّيت بأحداث الرّبيع العربي تعالت الهتافات من حناجر الثّائرين مطالبة بالحريّة والكرامة الإنسانيّة، فالحريّة هي من أسمى المعاني وأنبل الغايات التي يسعى إليها الإنسان، وهي الحالة التي يكون فيها الإنسان قادرًا على اتخاذ كافة قراراته بكامل إرادته بدون أن يتدخل فيها أحد بالاكراه أو الجبر، وهي الحالة التي يستطيع فيها الإنسان أن يبدي رأيه في المسائل المختلفة وأن يتكلّم في الأمور السّياسيّة والعامّة.
إنّ أهميّة الحريّة كبيرة في حياة الفرد والمجتمع، وتتمثّل فيما يلي: الحريّة هي وسيلة لإشباع الرّغبات الإنسانيّة والحاجات الفطريّة في التّعبير عن الرّأي ومشاركة النّاس مشاكلهم وهمومهم وما يجول في خواطرهم، فعندما يكون هناك هامش حريّة للأفراد تراهم يشعرون بالسّعادة، لأنّهم قادرون على التّعبير عن آرائهم بكلّ حريّة والتّنفيس عن مشاكلهم وهمومهم بدون أن يتعرّضوا للضّغط والاكراه من أحد. الحريّة هي السّبيل لرفعة المجتمعات وتقدّمها، فأينما وجّهت وجهك في هذا العالم الفسيح ترى الدّول التي تتمتّع بالحريّة هي الدّول الأكثر تقدّمًا ورقيًّا وحضارة، ذلك بأنّ الحريّة تخرج كلّ ما لدى النّاس من مهارات وقدرات يسخّرونها في خدمة وطنهم وتقدّمه، بينما ترى المجتمعات التي تفتقد إلى الحريّة مجتمعات متخلّفة عن ركب الحضارة والتّقدم. هي وسيلة لمشاركة القرارات ومناقشتها واختيار الافضل والأصلح منها، وإنّ الدّيموقراطيّة كوسيلة من وسائل الحكم ما هي إلا شكل من أشكال الحريّة حيث يجتمع النّاس مع بعضهم البعض من أجل أن يختاروا عددًا من المسائل والقرارات المصيريّة في حياتهم، ومنها اختيار حكامهم ومسؤوليهم، والمشاركة في مجالس الشّورى التي تقوم بتشريع القوانين والأنظمة وتقديمها إلى السّلطة التّنفيذيّة لإقرارها والعمل بها. الحرية تمكّن الإنسان من ممارسة النّقد الإيجابي من أجل تصحيح سلوك المسؤولين، فالحاكم والمسؤول يحتاج باستمرار إلى من يقدّم له النّصيحة والنّقد الإيجابي من أجل أن يصحّح مساره ويصوّب قراراته ويرشّدها، ولا يستطيع الفرد أن يمارس مثل هذا النّقد إلا بوجود الحريّة.