عاشوراء ودور المرأة الإصلاحي
لا شك أن حركة الإمام الحسين (عليه السلام) الإصلاحية كانت إسلامية على المستوى العالمي من خلال موقعه الشرعي كإمام للإسلام ومسؤول عن المسلمين، وقصته (عليه السلام) قصة الإسلام في تأصيل مفاهيمه وتركيز خطوطه في مواقع الإنسان، وبذلك تغدو قصة الحسين قصة الإنسان كله، لأن الإسلام جاء من أجل أن يجعل الإنسان يعيش معنى إنسانيته التي أودعها الله في تكوينه.
وعليه فلا بد لنا في كل سنة نقيم ذكرى عاشوراء أن نقف وقفة تأمل.. في كل تفاصيل هذه الذكرى وكل خطوة خطوة منها، قبل واقعة الطف وحينها وبعد واقعة عاشوراء لنرى في عاشوراء وعي حركية الإنسان كله، فلقد عشنا ونحن نفكر أن المرأة لا دور لها في حركة الإصلاح والصراع، والثورة، وأصبح ما عشناهُ شيئاً مقدساً، وأصبحت فكرتنا التقليدية أن للمرأة البيت وليس لها الساحة العامة، ولكن عاشوراء قالت لنا إن للمرأة دوراً قيادياً مع قيادة الرجل، وبعد قيادته.
إن زينب (عليها السلام) كانت تمثل رمز المرأة التي تملك عقلاً قيادياً، وروحاً قيادية، وصبراً وتحدياً قيادياً، وتملك أن تحتوي الواقع كله لتعرف كيف تخطط له، فلم تتحدث مع ابن زياد حديثاً انفعالياً، بل كان مدروساً حتى في قولها له (ثكلتك أمك يا ابن مرجانة).
فلقد أرادت أن تسقط عنفوانه في مجتمعه، وكذلك عندما وقفت تخاطب يزيد (كد كيدك وأسعَ سعيك وناصب جهدك فلن تميت وحينا ولن تمحو ذكرنا) فلقد كانت تفكر بكل كلمة من كلماتها.
وكانت إنسانة تعيش التخطيط لكلماتها كما كانت تعيش التخطيط لحركيتها، تماماً كأمها الزهراء (عليها السلام) في حركتها من أجل الحق في موقع علي (عليه السلام) فلقد كانت تقية في خطبتها في المسجد النبوي الشريف وفي حديثها مع النساء، حيث تناولت المواضيع الحساسة التي تثير الرجال عندما تنقل لهم نساؤهم ذلك، وكانت تمثل التحدي بتخطيط، وكانت تنطلق برساليتها من خلال فهمها للواقع وللذين يتحركون فيه.
وهكذا كانت أمها خديجة (عليها السلام) في أسلوبها العملي في دعم واقع الدعوة الإسلامية الأول، فلا يقول أحد إنها قضية خاصة... إنها قضية تنطلق من عمق المسؤولية الإسلامية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قضايا الدعوة والحركة والجهاد في سبيل الله، وذلك من خلال قوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..)
سواء كان المعروف سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو أمنياً، تماماً كما هي مسؤولية الرجل، وعلى المرأة أن تتكامل مع الرجل في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على خط التغيير للواقع.