موضوع: البغاء أفضل أسلحة الغرب في محاربة الإسلام الجمعة أكتوبر 28, 2016 11:26 am
"بنغالاديش" دولة إسلامية، ورغم ذلك فإن المحكمة العليا بها أصدرت حكمًا يقضي بمشروعية ممارسة الدعارة كوسيلة لتكسُّب العيش، ولم تكتفِ المحكمة بهذا الحكم؛ بل أصدرت تعليمات للحكومة بالإفراج عن المئات من البغايا حبيسات السجون، جاء حكم المحكمة هذا إثر فحصها لدعوى قضائية رفعتها مجموعة من العاهرات كُنَّ محتجزات في بيوت للمشرَّدين[1].
تقول مختلف المصادر الرسمية وغير الرسمية عن الاتجار بأعراض النساء والأطفال في بنغالاديش الآتي: "ليس هناك من إحصائيات رسمية عن عدد البغايا، لكن آلاف الرجال والنساء والأطفال منغمسون في تجارة الجنس".
"أن مليون رجل يقومون بشراء النساء والأطفال الذين يعملون في البغاء".
"أن العصابات المنظمة تمكنت في العشر سنوات الأخيرة من بيع مائة ألف امرأة بغرض ممارسة الزنا".
"أن أعمار النساء والبنات البغايا تتراوح بين الإحدى عشرة وبين الخمس عشرة سنة".
"أن هناك ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألف طفل ينتشرون في الشوارع بغرض ممارسة البغاء في "داكا"، مارس معظمهم البغاء قبل أن يصلوا سن الثانية عشرة".
"تقدر الشرطة أن أكثر من خمسة عشرة ألف امرأة يتم تهريبهن خارج بنغالاديش كل عام"، وأن "أكثر من مائتي ألف امرأة تم تهريبهن من عام 1997 إلى 1997 مع ستمائة ألف طفل صُنِّفوا على أنهم مفقودون"، وأن المهربين قاموا في العقد الماضي بإغواء مائتي ألف فتاة - بوعود كاذبة - بظروف حياة أفضل، وتمَّ بيعهن إلى تجار صناعة الجنس في الهند وباكستان والشرق الأوسط".
وأن "ن سبعًا وعشرين ألف امرأة وطفلاً أُجبروا على ممارسة البغاء في بيوت دعارة هندية"، "وفي عام 1994 كان هناك ما يقرب من ألفي امرأة من بنغالاديش يمارسن البغاء في ست مدن هندية".
وجاء في تقرير لأحد المنظمات غير الحكومية أنه "تم تهريب مائة ألف امرأة وطفلاً إلى دول الشرق الأوسط في العشرين سنة الأخيرة".
وتقدر أحد المنظمات الحقوقية النسائية بأن متوسط عدد النساء والأطفال الذين يهربون إلى باكستان يبلغ أربعة آلاف وخمسمائة، وأن مائتي ألف امرأة على الأقل تم تهريبهن إلى باكستان في العشر سنوات الماضية".
وأنه "ما يزيد عن خمسين امرأة وطفلاً يتم تهريبهم يوميًّا خارج حدود البلاد"، وفي تقارير أخرى وصل هذا العدد إلى مائتي امرأة وطفل".
"أن خمسمائة امرأة من بنغالاديش يسافرن إلى باكستان بصورة غير قانونية كل يوم" وجاء في تقارير ناشطي حقوق الإنسان أنه مابين مائتي إلى أربعمائة امرأة شابة وطفل يهربون كل شهر معظمهم من بنغالاديش إلى باكستان".
"أن نسبة كبيرة من مائة وعشرين ألف امرأة عاملة في صناعة النسيج في بنغالاديش يعانون من الاستغلال الجنسي".
"أنه في خلال فترة الحرب في عام 1971 اغتصب الجنود مائتي ألف امرأة وفتاة".
"ليس هناك من قوانين في بنغالاديش تعاقب الفتاة التي يزيد عمرها عن ثماني عشرة سنة إذا مارست البغاء من أجل الحصول على المال، ويكفي للمرأة البغي أن تأتى بشهادة خطية قانونية تبين فيها أن عمرها يزيد عن هذه السن فلا تقبض عليها الشرطة".
"القانون في بنغالاديش قديم وغير فعال، وليس هناك من عقوبات ضد حوادث التحرش الجنسي، والتعذيب ضد المحتجزات قضائيًّا، وغالبا ما تتعرض النساء في أماكن الاحتجاز الاغتصاب من رجال الشرطة أنفسهم"[2].
وهناك قرى كاملة مخصصة للبغاء في بنغالاديش، وتعتبر قرية "دولاديتا" واحدة من أكبر بيوت الدعارة في العالم، يوجد في هذه القرية ألف وستمائة امرأة تبعن أجسادهن لثلاثة آلاف رجل كل يوم[3] (I am just here for survival).
ولا يعادل المال الذي تكسبه البغي الآثار الاجتماعية والنفسية والعاطفية المترتبة على ممارستها البغاء؛ تتعرض البغايا لأعلى درجات العنف من الضرب والتعذيب والإرهاب والإذلال بكل أنواعه، وقد يصل الأمر إلى حد القتل، هذا بالإضافة إلى إصابتهن بالأمراض الجنسية المعروفة.
أما على المستوى النفسى فتتعرض البغايا لما يعرف باختلالات ما بعد الصدمة . إنهن يشعرن بتبلد الإحساس، ويشكين من الكوابيس المتكررة، وارتجاع الأحداث، وأعراض القلق الحاد والإحباط، والأرق المستمر، والانفعال والغضب، وضعف التركيز، والحذر العاطفي والبدني الشديدين.
وأوضحت إحدى الدراسات أن المرأة إذا مارست البغاء لمدة تسع سنوات بمعدل خمس زبائن يوميًّا لمدة ستة أيام في الأسبوع فإن هذا يعني أن جسدها قد انتهك تسعة آلاف وأربعمائة وخمسين مرة من قبل رجال غير معروفي الهوية.
كما أوضحت دراسات أخرى أن نوعية الحياة ومتوسط عمر الوفاة عند البغايا أقل كثيرًا من غيرهن من النساء العاديات.
أما الوصمة الاجتماعية التي تصيب البغايا فهي أشد وأصعب، فالبغايا يعشن ما يسمى بالموت الاجتماعي، تُجبر هذه الوصمة البغايا على العيش في حياة اجتماعية سرية منعزلة ومنفصلة عن المجتمع أساسها الكذب، إنهن يعشن بعيدات عن المجتمع، مذلولات، غير قادرات على مشاركة الحياة مع الآخرين، يخفن من التحدث بانفتاح عن تجاربهن والصعوبات اللاتي يواجهنها، يخشين من طلب مساعدة الآخرين، كما يخشين من ارتكاب الجرائم ضدهن والتعرض للمحاكمة، والتعصب ضدهن. تتشرب البغايا هذه المشاعر في أنفسهن، ومن ثم يتضخَّم عندهن الشعور باحتقار الذات، كما أن ممارستهن للبغاء تجعلهن يصنفن أنفسهم خارج القواعد المتفق عليها التي تحكم الحياة الجنسية المشروعة، كما أنهن لا يتمتعن بالحماية ورد الفعل التي يقوم بها المجتمع تجاه النساء العاديات اللاتى يتعرضن للاغتصاب مثلاً.
ويختلف حال البغايا في الدول المتقدمة عنهن في الدول النامية، فبغايا الدول الأولى ينحدرن من سلالات عرقية واقتصادية هامشية، وتدمن نسبة كبيرة منهن المخدرات، ويدخلن سوق ممارسة الجنس إما للإنفاق على أنفسهن أو رفقائهن أو للصرف على المخدرات وشرب المسكرات[4].
في حين يلعب الفقر وسوء الأحوال الاقتصادية، والتمييز ضد المرأة دورًا هامًّا في دخول النساء سوق الدعارة، فليست هناك رعاية اجتماعية وفيرة للناس في بنغالاديش، ومعظم الناس لا يملكون أراضي، وخمسة وأربعون في المائة من السكان تحت خط الفقر، وتعامل النساء هناك كمواطنات من الدرجة الثانية، ولا يتلقين أي تعليم رسمي، ويعتبر العنف ضد المرأة هناك أمرًا مقبولاً كوسيلة لتحقيق ضبط الرجال فوقهن، وغالبًا ما ينظر إلى المرأة كهدف مادي أكثر منها ككائن بشري، وكل ذلك من شأنه أن يمهد لدخولهن في عالم الدعارة[5].
وقد تسمح الدول النامية بممارسة ما يسمَّى بالسياحة الجنسية لجذب العملة الصعبة، لكن الذي يبعث على السخرية هو أن تضحية شعوب هذه البلاد بهذا القطاع غير المحصن من النساء، بدلاً من أن يساعد في عملية التنمية والتخفيف من حدة الفقر، نجده يزيد من اعتمادها على الدول الغنية، ويعزز من قوة البلاد القوية على الأخرى الضعيفة[6].
لفت الطبيب البنغالي "فيروز م . كمال" الانتباه إلى أن انتشار ظاهرة البغاء في بنغالاديش من أهم أسلحة الغرب في مواجهة الصحوة الإسلامية بها. يقول الدكتور كمال: "لم يكن الاستغلال والنهب والاستعباد والإذلال البدني هو الجرائم الوحيدة التي ارتكبها المستعمرون الأوربيون في حق الدول الإسلامية والدول الضعيفة التي احتلوها، لقد ذهب المستعمرون إلى أبعد من ذلك، فخططوا لتدمير البنية الأخلاقية للمسلمين، التي حافظ عليها الإسلام منذ بزوغه.
لقد عمد المستعمرون إلى ما يعرف بالتطبيق (المؤسسي) لهذا التدمير الأخلاقي في صورة نشر البغاء؛ فالبغاء في بنغالاديش ما هو في حقيقته إلا إرث استعماري.
لقد هبط المستعمرون إلى دول الإسلام من بيئات اجتماعية وثقافية واجتماعية مختلفة . جردتهم العلمانية من القيم الأخلاقية التي كان من الممكن أن تقيهم شرور ممارسة هذه الرذائل، لكن تحكم الشهوة واللذة عندهم أدى بهم إلى إباحة الاختلاط بين الرجال والنساء، ممارسة اللواط والبغاء وغير ذلك من مظاهر الفساد الأخلاقي، فالحرية الجنسية لا تعتبر جريمة في المنظومة القيمية الأوربية، لم يكن هذا الفساد الأخلاقي منتشرًا بشدة في البلاد بين العوام من سكان بنغالاديش؛ فالإسلام يضع عقوبات رادعة على من يمارس هذا الفساد، ولهذا عمد الأوربيون إلى ما يسمى بـ "مأسسة الجنس"[7].
أنشأ المستعمرون جزرا ثقافية على النمط الغربي في كل مدن البلاد التي احتلوها، وخاصة في العواصم والضواحي والشواطئ البحرية، واعتبروا أن هذه الجزر سماء آمنة لممارسة الجنس، ولعب القمار، والأنشطة اللاأخلاقية الأخرى. حصل المستعمرون من السلطات الحكومية على امتيازات مكَّنتهم من نشر هذه الرذيلة في كل ركن من أركان البلاد وانتشار الفساد فيها، ومع نمو هذه التجارة غير المشروعة ظهر مستهلكون وطنيون من أهل البلاد، ودخل الإقطاعيون، ورجال الإعمال، وممن لا دين ولا خلاق لهم في هذه التجارة القذرة.
استخدم هؤلاء المستعمرون تجارة الجنس كوسيلة لجني لأرباح، وفرضوا رسومًا عليها، ثم اتجهوا بها لإفساد المسلمين أخلاقيًّا، وكانوا مصمِّمين في نفس الوقت على تحقيق إنجاز أكبر وأخطر من وراء هذه التجارة.
استهدف المستعمرون المؤسسات الإسلامية التي تعتبر أساسًا لحماية الإسلام والمسلمين وقيمهم وسلوكياتهم، هذه المؤسسات هي المساجد والمدارس الدينية والأسرة والتي لا يؤدى بدونها الإسلام وظيفته، عمد المستعمرون إلى تفكيك هذه المؤسسات بصورة خفية، وكان هذا التفكيك الخفي هو الهدف المستتر لكل القوى المضادة للإسلام على مر العصور.
ساعدت القوى العلمانية الداخلية في البلاد المستعمرين على تحقيق هذا الهدف عن طريق "مأسسة" البغاء كما أشرنا أعلاه، كما أدخلت هذه القوى أنظمة تعليمية جديدة لتغذية التعليم بالقيم التي تتماشى مع قيم المستعمرين التي تساعد على الفساد وتتناقض مع القيم الإسلامية، ومن هنا تحول التعليم من أداة لتوجيه الناس إلى ما فيه الحفاظ على قيم المجتمع إلى أداة توجه الناس إلى تبني القيم الغربية، وكان الهدف من كل ذلك هو إحداث تحول ثقافي نحو هذه القيم على المدى البعيد، كان العلمانيون هم جسر الغرب لغرس هذا الإرث الاستعماري الفاسد؛ ولهذا لا يصعب على أحد تفسير انتشار البغاء في بنغالاديش بعد رحيل مؤسسيه فيها عنها، لم يمارس الوطنيون دورهم في نشر هذا الفساد بإخلاص فقط، ولكنهم ساعدوا على زيادة فاعليته واستمراره!!
الذي لا شك فيه؛ هو أن هناك أجندة علمانية كبرى تضمن نشر التعليم العلماني وتغذية الإعلام والسينما والمسرح والإنترنت بالقيم العلمانية، التي لم يكن من شأنها أن تدمر قيم المجتمع ومعاييره فقط، بل تخريب القاعدة الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع المسلم.
إن قيم الإسلام ومعاييره وشعائره تواجه الآن عدوانًا ثقافيًّا شرسًا ومستمرًا منذ عدة قرون مضت، أصبح البغاء مشروعًا أساسيًّا للتحالف العالمي ضد الإسلام، وأفضل الأسلحة في مجابهة الصحوة الإسلامية. كان أعداء الإسلام يعرفون أن زرع هذه الرزيلة في المجتمع المسلم هو الطريق الأكيد لإفساد عقيدتهم، وأنه ما أن يتمكن في فرد ما حتى يضرب أخلاقياته بطريقة يتعذر إصلاحها، ومن ثم يضربون الإسلام في الصميم. لقد أصبح البغاء وممارسة الجنس الحر اسراتيجية أساسية للقوى التي تتحالف ضد الإسلام.
أما الخطر الأكبر من وراء انتشار ظاهرة البغاء؛ فهو دوره الأساس في تدمير الأسرة وتدمير الزواج، واستغلاله كورقة رابحة في تحقيق الأهداف العالمية الرامية لإنقاص أعداد السكان المسلمين عبر العالم.
تساهم الحكومات القائمة في البلاد الإسلامية بالتعاون مع هيئة المساعدات الأمريكية في تحقيق الأهداف سالفة الذكر، فالدولة تسن القوانين التي لا تسمح بزواج الفتاة قبل سن الثمانية عشرة، وتعتبر أن مخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون، في الوقت الذي لا تجرم فيه ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج. لقد بلغ التمرد على شريعة الله حدًّا جعلوا فيه ما تسمح به الشريعة ممنوعًا، وما ترفضه الشريعة مسموحًا به،ن مخالفة ذلك ذلك جريمة يعاقب عليها القانون فالمواقعة بين رجل وامرأة غير مرتبطين بعقد زواج شرعي لا يعتبر زنا إذا كان برضاء الطرفين!!
وتتعرض الأسرة المسلمة بسبب هذه التحديات إلى كوارث من شأنها أن تنذر بالخطر الشديد، فإذا وجد الرجل والمرأة بغيتهما في الاستماع الجنسي خارج الإطار الذي يقرُّه الشرع فلن تكون لهما حاجة إلى إشباع الغريزة الجنسية داخل نطاق الأسرة، وهذا يؤدى في أقل أضراره إلى تأخير الزواج، وتأخير فرص إنجاب أطفال مسلمين لعدة سنوات، وهذا ما يهدف إليه الغرب، فهو يخشى مما يسميه بالقنبلة السكانية الإسلامية، في الوقت الذي يقل سكانه بكثرة بسبب حرص الأسر الغربية على ألا يزيد أطفالها عن اثنين أو أكثر، رغم كل المغريات والمعونات التي تقدمها حكومات الغرب للأسر التي يزداد عدد الأطفال بها عن اثنين أو ثلاثة!
التعاون وثيق بين الحكومات وهيئة المعونة الأمريكية، التي هي المخترع والراعي الأساسي لبرنامج السكان في بنغالاديش. افتتحت عيادات عديدة لتطهير أرحام النساء المسلمات من أى حمل غير مرغوب فيه، أو كان خارج نطاق الزواج.
إن الأمر في حقيقته إبادة جماعية صامتة تأخذ طريقها بفاعلية شديدة، وكلما رفعت الجماعات الدينية أصواتها بالاحتجاج على هذا المخطط، تنزل فرق المساعدات الأمريكية إلى الشوارع بالملصقات المدمرة للقيم الأخلاقية، والتي تلقى هوى في نفس البعض من السكان الوطنيين، وقد جاء في أحد تقارير خبراء السكان أن نصف شباب بنغالاديش يمارسون الجنس قبل الزواج.
لقد دُمِّرت القيم الأخلاقية بالفعل، وبدأت علامات انتشار الأمراض الجنسية في الظهور، وسبب كل ذلك تقييد الزواج والسماح بانتشار البغاء![8].
ولا يختلف تشريح وتحليل الدكتور "ف. كمال" لظاهرة انتشار البغاء وخطرها على القيم الإسلامية والمجتمع الإسلامي كثيرًا عمَّا جاء به الأستاذ "محمد قطب" في تحليله لتشجيع هذه الظاهرة في مصر؛ يقول الأستاذ "محمد قطب": "لقد أدت الثورة الصناعية في أوربا إلى تحطيم الأسرة، وإفساد الأخلاق وانتشار البغاء، وبصرف النظر عن كل شيء، فتلك مشكلة أوربية بحتة، نشأت من ظروف محلية هناك لا شأن المسلمين بها. لماذا يشغلون بها؟ وإن انشغلوا بها فمن أي زاوية ينظرون إليها؟ أمن زاوية أنه فساد أخلاقي أصاب أوربا حين تنكرت للدين والأخلاق والتقاليد، أم من زاوية أنه ضرورة اجتماعية في الحياة الحضارية الصناعية؟ هذا مفرق الطريق …!
لقد ظلت الصحافة المصرية اللبنانية المسيحية المارونية تتحدث عن البغاء، وعن كونه "ضرورة اجتماعية" في العالم "المتحضر!" عشرات السنين، قبل أن تكون في العالم الإسلامي كله مشكلة تدعو إلي وجوده ولا إلي الحديث عنه! لماذا؟ هل لمجرد "تسلية" القارئ المصري؟ وهل هذه القذارة النفسية والأخلاقية والاجتماعية تصلح مادة للتسلية؟
كلا! لم يكن القصد هو التسلية، إنما كان القصد تهيئة الأذهان لليوم الذي يُراد فيه نشر البغاء في المجتمع الإسلامي المصري، وجعله جزءًا من كيان المجتمع، تحرسه "الدولة" بقوانينها وتسهر عليه!.
كان المراد هو تذويب "الحس الإسلامي" الذي ينفر من الفاحشة ومن التعالن بها، بعد أن نحيت "الشريعة" التي تمنع البغاء وتعاقب عليه، حتي إذا جاء اليوم المنشود - وقد جاء - لم تكن النفوس نافرة ولا القلوب منكرة، إنما كان هناك تقبل مسبق "للضرورة الاجتماعية" التي تنشأ من "الحضارة"، وكان المعارضون لممارسة هذه "الضرورة" هم "المتزمتين" "الجامدين" "المتحجرين" الذين لا يريدون أن يسايروا " ركب الحضارة ولا روح التطور" السارية في العالم كله!
وذلك مجرد نموذج يمكن أن تُقاس عليه كل "القضايا التقدمية" الأخرى، كالاختلاط، والعلاقات الحرة، "وقضية المرأة"، ودور الدين في الحياة "العصرية" "العلمانية" إلخ.. وكيف كانت الصحافة "المصرية" تتناولها، وكيف كانت بكل خطتها جزءًا من الغزو الفكري الصليبي المقصود.
لقد أدَّت هذه الصحافة دورًا خطيرًا في حياة المسلمين في مصر علي خطين رئيسيين: تقليص دور الإسلام، ولَيُّ الأعناق لَيًّا إلي أوربا، بحيث تصبح - تدريجيًا - هي الوجهة التي يتجه المسلمون إليها بدلاً من الإسلام، والتي يتوسَّمون فيها طرق الخلاص من حاضرهم السيئ الذي يعيشونه، ويتطلعون من خلالها إلي مستقبل سعيد باسم يُلحِقهم بركب الحضارة، ويدفع عنهم وصمة التأخُّر والانحطاط".
هذا الخط الثاني الذي تحدث عنه الأستاذ "محمد قطب" هو نفس الخط الذى أشار إليه الدكتور "ف . كمال" بـ "ظاهرة تحول المسلمين الثقافي نحو الحضارة الغربية"[9].
لا شك أن الأمر خطير للغاية، فإذا لم تكن هناك دولة إسلامية كبرى قوية تقيم شرع الله بداخلها، وتحمله إلى خارجها، تحافظ بتطبيقها للشرع على أعراض المسلمات، ومجابهة تحوُّل المسلمين الثقافي نحو القيم الغربية، فلا أقل من توسيع هيئات الإغاثة والبنوك الإسلامية والمؤسسات الدعوية القائمة بالفعل لأنشطتها، بحيث تضع ضمن برامجها الحلول السريعة والدائمة لمواجهة هذه المشكلة دعويًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وإعادة النظرة إلى البغايا على أنهن ضحايا لمخطط استعماري وتقصير إسلامي، أكثر منهن مجرد عاهرات، ذلك لأن الآثار الاجتماعية والنفسية المترتبة على ممارستهن للبغاء - والتي أشرنا إليها سابقًا - تقطع الطريق أمامهن للتوبة والبحث عن بدائل أخرى للعيش الكريم. يجب بذل الجهود نحو عادة تأهيلهن عَقَديًّا أولاً، ثم اقتصاديًّا ثانيًا لممارسة حياة أفضل، وكذلك محاولة البحث عن السُّبُل الكفيلة بحماية أطفال المسلمين من الوقوع في أسر تجار الجنس... إلى آخر ذلك من السُّبُل التي قد يفتح بها الله على الغيورين على أعراض أطفال ونساء المسلمين.